لمن يجهل خصوصية العلاقة السودانية – السعودية
خالد دراج / غالبا في كل المواجهات العسكرية في العالم، لاسيما تلك التي تتم عبر تحالفات دولية تجاه جهة أو تنظيم انقلابي دموي خارج عن القانون والشرعية، عادة ما تكون هناك تيارات وأصوات لجهات أو منظمات تطالب بوقف هذه الحروب من أجل الشعوب وحقنا لدماء الأبرياء واللجوء للحلول السياسية والجلوس على طاولة الحوار لإعادة تصحيح الأمور والوصول إلى نتائج إيجابية توقف القتال.
ومثل هذه المواقف تأتي أحيانا من هذه التحالفات، خصوصاً تلك التي تنطلق من عدالة القضية وموقفها القوي على الأرض وسيطرتها الكاملة على مسرح العمليات بما فيه المناطق التي يوجد فيها الانقلابيون المتحصنين وسط الأبرياء من المدنيين.
ولعل هذا الرؤية هي بالفعل ما ينطبق على التحالف الذي تقوده السعودية بمشاركة أشقائها العرب ضد الميليشيات الحوثية الإيرانية التي استولت على السلطة وانقلبت على الحكومة الشرعية منذ ثلاث سنوات وإلى اليوم.
فعلى رغم غطاء الشرعية الدولية الكاملة التي يعمل بموجبها التحالف وفق قرار الفصل السابع لمجلس الأمن التي أقرت هذه العمليات العسكرية حتى تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل الانقلاب، فقد كان التحالف يؤكد على الدوام ومنذ انطلاق عملياته العسكرية أن الحل السياسي لهذه الأزمة لازال وسيظل مطروحاً أمام الانقلابيين متى ما نفذوا قرارات المجتمع الدولي، بل أن التحالف أبدى كل أوجه التعاون مع الوساطات الأممية والدولية ورحب بأي جهود تدعم الحل السياسي الذي سيصل بالقضية إلى الهدف الأساس الذي بسببه قامت العمليات العسكرية.
ولعدالة هذه القضية وهدفها الرامي للحفاظ على أمن وسلامة الشعب اليمني ووحدة أراضيه، جاءت المشاركة للتحالف برؤية واضحة ومنطلقات شفافة للدول المشاركة ومن بينها القوات السودانية الشقيقة التي أعلن الرئيس السوداني يوم تحركها من الخرطوم أنها تتجه لليمن من أجل منطلق عربي قومي يسعى لعودة الشرعية اليمنية أولاً، والإسهام في الدفاع عن الحدود السعودية التي اعتبرها خط عروبي وإسلامي لا يمكن تجاوزه أو المساس به، وأكد البشير حينها على أن هذه المشاركة ستستمر إلى أن تنتهي المهمة.
وعلى جبهات القتال كان المقاتل السوداني ضمن القوة السودانية المؤهلة بشكل احترافي والمكونة من ١٥٠٠ مقاتل، يمثل حجر زاوية في محور تواجده بروح عسكرية عالية وعقيدة قتالية أصيلة ودور مؤثر على الجبهات، لم يتراجع أو يتوان للحظة واحدة منذ اليوم الأول لمشاركته ضمن التحالف.
وهذا الموقف العربي الأخوي للسودان لم يكن الأول ضمن رؤيتها الشاملة للتحالف واللحمة العربية، فقد كان السودانيون حاضرين دوما في العديد من الأزمات.
ومن الطبيعي أن تعتبر دول التحالف عامة والسعودية خاصة هذا الموقف التاريخي، امتداد لمواقف الشعب السوداني الشقيق وقيادته وقواته العسكرية التي أكدت على صلابة وأصالة العلاقة السعودية السودانية، التي لا يمكن لها أن تلتفت لأي أصوات رخيصة مبتذلة تحاول التشكيك في روابط الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين، أو تريد المساس بقيمة وحضور القوات السودانية في التحالف وتشكك في استمرارية بقائها في اليمن، إذ لا تسعى هذه الأصوات المتلصصة والمُنْطلِقة من قطر لمصلحة السودان كما تزعم بقدر ماهي تحاول المساس بلحمة وتماسك التحالف أولاً، ثم لهدف استمرارية دورها التآمري القذر تجاه تفتيت الأمة العربية عامة والتكامل مع الدور الإيراني الذي يسعى للتقسيم والتمزيق ومحاولة الالتفاف على السعودية خاصة، بصفتها محور التكامل العربي الإسلامي.
ولعل المتابع للعلاقات السعودية – السودانية في الماضي والحاضر يدرك أن مستقبل هذه العلاقات سيكون أكثر تكاملا وتماسكا وتطورا على المستوى السياسي والاقتصادي والتنموي الذي يَصْب في النهاية في مصلحة الدولتين وشعبيهما، وهذا بطبيعة الحال لن يكون محل ترحيب لقوى الشر التي تسعى في الأرض فسادا بقيادة إيران ومن يسير في ركابها وتحت إمرتها في الدوحة ودمشق وجبال مران وضاحية بيروت.